حزن بلا سبب

على ايقاع المطر المنهمر .. تتابع بسذاجة سباق حبات الغيث المنزلقة على نافذة الغرفة العريضة .. وسط جو ممل في يوم لا يفرق عن سائر الأيام إلا بالتاريخ .. دقات الساعة الرتيبة تثير الاكتئاب ..
بلا مبالة و بمحاولة عفوية لخلق حدث مثير .. تفتح أبواب النافذة باندفاع.. فتلفحها الرياح المحملة ببكاء السماء الرطب .. ويعانقها البرد القارص لتسري في جسدها قشعريرة توقظ كل خلايا جسدها النحيل .. تغمض عيناها اللوزيتين .. و تبدأ بالغناء .. بصوت حنون ...  تدندن به إحدى أغاني فيروز..
تقطعها رنة الهاتف المزعج .. فتجيب ببرود ..  لقد تأقلمت طوال حياتها ان فترات السكينة هي عبارة عن لحظات سريعة على غفوة من الزمن القاسي .. وأنه لابد بالنهاية من أن يعكر صفوها أي أحد .. وكأن الكون تآمر على سعادتها المفقودة .. وفوق كل ذلك كان المتصل غريبا مخطئ في الرقم ..  فانهالت عليه بالشتائم ثم أغلقت السماعة و بكت طويلا .. تمنت في سرها لو كان المتصل شخصا آخر .. لو أن الهاتف أبكم .. لو انها لم تجب اصلا ..
ضرب من الجنون أصابها من ذلك الاتصال .. ادمى جروح قلبها القديمة .. ذكرها –وكأنها نسيت يوما- كم هي وحيدة !
لبست معطفها و سارعت في الخروج من المنزل في محاولة للهروب من معمعة التفكير بالوحدة ومناقشة الامر مع نفسها  .. لم تأبه لشلالات المطر المسكوب .. مشت تحته .. لتغسل به روحها المتعبة . امتزجت دموعها به .. و صرخاتها بصوت الرعد ... سارت في الطرقات الواسعة بلا وجهة ..
تعود أدراجها نحو المنزل ..تغلق
 النوافذ .. و تغط في نوم عميق عقب متاهات التفكير اللامتناهية التي مرت بها ..
يأتي الغد .. تعاود الشمس محاولاتها بالشروق عبر سحب الشتاء الداكنة .. كـما فعلت هي تماما .. .

  



تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كُـربة

حديث ماطر~

اللّـوحـَــة ..